ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(خوفي من عدم تفهّم أسباب تنفيذي لوصية عاقلٍ كريم)
1- مَرحبا المقيم في طرابلس يكلّف صديقه وأخاه زيعور بالبحث عن ناشر للكتاب. مرحبا يُكثِر من مديح كتابه ويُلحّ على المعلم زيعور للتفتيش والمساعدة.
2- غلافا الكتاب.
3- المقالة المُرسلة الى زيعور لعرضها على الناشرين (من وثائق زيعور…) وبعنوان: “بين يدي الكتاب”. أعيد صَفَّها ظناً أنّي طلبتُ ذلك.
4- صورة عن النسخة الأصلية لمقالة “بين يديّ الكتاب” ممزوقة، غضباً، بعد أن أعادت السيدة صفَّها وبدون مبرّر.
5- محنتي مع القرآن ومع الله في القرآن – بخط يد مرحَبا.
6- نسخة عن “محنتي..” مصفوفة حديثاً.
7- مع السيد الدكتور أحمد ماجد نسخة مصوَّرة عن “محنتي…”. قدّمتُها له مع مقالٍ كان أرسله لي مرحَبا. نشر أحمد ماجد المقال في مجلة “معهد المعارف الحِكْمية”؛ واحتفظ لنفسه بمقالٍ ثان من مرحبا. قال ماجد: المقال مُرعِب… ولم يدفع المكافأة لِصَاحبها.
8- أنا أنفِّذ وصيةً. ولا رغبة عندي بشيء آخر. وتردّدتُ كثيراً قبل تنفيذ الأمانة.
محنتي مع القرآن ومع الله في القرآن
د. محمد عبد الرحمن مرحبا
ينقسم الكتاب إلى مقدمة ومدخل وأربعة فصول.
المقدمة
لا يتطور الفكر إلا بالصدمات والتحديات، وهذا الكتاب هو التحدي الأكبر والصدمة الكبرى لمجتمع القمع والذل. ففيه موضوعات شديدة الحساسية كفيلة بأن تطيح بعنقي. فهو طرح شديد لمشكلة القرآن من منظور ثوري متمرد لا يؤمن بالمومياء المحنطة التي اصطنعها السلف للخلف لتكريس المركزية القرآنية وفرضها على العقل والقلب والروح. ويقدم الكتاب كماً هائلاً من الشواهد التي تدعم وجهة نظره، وكلها مأخوذة من القرآن بالدرجة الأولى، الانسان العربي هو أكبر همي فغاية ما أتمنى أن أزجّ هذا الإنسان في تيار الحداثة.
الفصل الأول: رحلتي من الايمان إلى الشك
هذا الفصل هو رد على كتاب رحلتي من الشك إلى الإيمان لمصطفى حمود الذي طنطنوا له الدنيا وظنوا أنه يقطع لسان كل جاحد لله ودينه الحنيف. وقد أثبتّ تهافت هذا الكتاب وهشاشة عقول الذين أُخذوا به فهو في الحقيقة كتاب موضوع للعوام والسطحيين من الناس لا إلى أولئك الذين يريدون معرفة حقائق الأشياء
الفصل الثاني: الله في القرآن
كل محاولة لاثبات وجود الله هي في نظري محاولة فاشلة لأنها تريد توضيح الواضح بالغامض من العلوم بالمجهول والمعقول بالمستغلق والحق بالوهم. إن العقل يستطيع ثبات وجود الله كما يستطيع نفيه على حد سواء. أعطني دليلاً على وجود الله وأنا أعطيك عشرة أدلة على عدم وجوده، المسألة التي لا يمكن للانسان أبداً أن يقطع فيها برأي حاسم. فهو يستطيع كما رأيننا أن يثبت الشيء بشيء. وهذا هو شأن الفلسفة التي تتعدد فيها المدارس والمذاهب في المسألة الواحدة، خلافاً للعلم الذي لا مذاهب فيه ولا مدارس، لأن العلم لا يعتمد كالفلسفة على العقل فقط بل يعتمد أيضاً على التجربة. الإيمان بالله يعبر عن ظاهرة نفسية لا عن حقيقة موضوعية موجودة خارج العقل. ومن شأن هذه الظاهرة أن تهب صاحبها إحساساً قوياً بأنه غير وحيد في هذا العالم أو تشعره بأن إلى جانبه دائماً من يهتم به ويحنو عليه ما دام مطيعاً له. وبهذا المعنى فإٍن الموجود الحقيقي في هذا العالم هو الانسان فالإنسان هو الذي خلق الله وليس الله هو الذي خلق الإنسان. وفي هذه الحالة فإن الله هو امتداد للانسان، وإعطاء قيمة ومعنى لحقيقة الإنسان وهو وحده الضامن لوجود الانسان.
والله في القرآن من المسلمات التي لا يمكن للمؤمن أن يتخلى عنها لذلك لا يهتم الله في القرآن بإثبات وجوده بقدر اهتمامه بالوحدانية ونفي البشر …………. عنه. لكنه ينبه كثيراً على آياته الكثيرة المتناثرة في الكون، إن كانت هذه الآيات لا تغني شيئاً منه وجهة نظر التفكير الخالص.
والله في القرآن متصف بجميع صفات الكمال منزّه عن جميع صفات النقصان، لكن الرأي الذي توصلت إليه هو عكس ذلك تماماً، فالله في القرآن وبنص القرآن متّصف بجميع الصفات خيرها وشرها على حد سواء. ومن هنا الاستنتاج الخطِر الذي سيثير الدنيا عليَّ هو أن الله وابليس شيء واحد بحسب ما ورد في القرآن ذاته.
فمن صفات الله في القرآن صفة الرحمة، فهل الله رحيم حقاً؟ كلا وألف كلا. إن أقل مخلوق من هذا العالم، بل وأكثر الحيوانات وحشية أرحم من الله الذي يمكن وصفه بكل شيء إلا الرحمة! فالله ليس فيه نقطة دم واحدة تجعله يحس بأوجاع هذا العالم. فإما أنه غير موجود وإما أنه إله من الحجر الأصمّ! إنه شاهد زور بلا فاعلية لا فرق بين وجوده وعدمه.
ومن صفات الله الرزّاق. فالقرآن الكريم يأخذ على مشركي مكة أنهم “يعبدون من دون الله ما لا يملك لم رزقا” (سورة النحل، الآية 37). فهل الله يملك لأحد منا – على الأرض لا على الورق – رزحاً حقاً؟ ما قولكم بالجياع والمعدمين الذين تركهم الله هم وأزواجهم وأولادهم يطوفون على صناديق القمامة عساهم يجدون فيها ما يمسك رمقهم؟ فبئس هذا الرزق وبئس الرازق، أوَ تعرفون من يرزق الله؟ انه يرزق من هم في غنى عنه وعن رزقه، أي الأغنياء والأقوياء واللصوص والسماسرة وأمراء المال والأعمال.
وهناك صفات أخرى لله في القرآن مليئة بالثرثرة والسفسطة والدعاوى الفضفاضة والوعود الخلاّبة التي لم يتحقق شيئ منها، كنصر المؤمنين وإنصاف المظلومين.
الفصل الثالث: القرآن
القرآن هو العمود الفقري للعرب والمسلمين في جميع أقطار الأرض ومصدر إلهامهم وتفكيرهم. وللقرآن منطق خاص هو أساليبه البيانية والبلاغية التي قرأوا فيها قمة البيان العربي والبلاغة العربية. فهو معجزة النبي الوحيدة التي تحدى الله بها البشر جميعاً أن يأتوا بمثلها ولذلك وصف القرآن بأنه معجز. لقد كان الحس اللغوي جزءاً من الحياة الجاهلية حتى كان الجاهلي الحقيقي عبداً للبيان قبل أن يكون عبداً للأوثان. وقد استغل القرآن هذا الحس إلى أقصى حدود الاستغلال حتى وُصف القرآن كما قلنا بأنه معجزة النبي الخالدة خلافاً لمعجزات الأنبياء السابقين الذين ذهبت معجزات بذهابهم. أنا لا أفهم كيف يكون نسج الكلام وحبكه ورصفه بالسجع والايقاع والقوافي، أنا لا أفهم كيف يكون ذلك معجزة. والرأي عندي أن العاجز لا يملك شيئاً غير صناعة الكلام، من لا يريد أن يفعل شيئاً يملأ الدنيا صياحاً وضجيجاً والحقيقة ان وصف القرآن بالمعجزة هو أولى عمليات التزوير في التاريخ الاسلامي! فقد طلب المشركون آية تدل على صدقه، فدفع اليهم بالقرآن رافضاً أن يأتيهم بأي معجزة أخرى. لقد ظنّ أنه واجه التحدي بالتحدي، ولكن شتان بين التحديين. لقد طلبوا منه معجزة فأعطاهم شيئاً من أسرار الآلهة، إنه إنجاز بشري تجري عليه أعمال البشر من قوة وضعف وصواب وخطأ، وتنظيم وتشويش وترابط وتفكك.
الفصل الرابع: القرآن ومشروع النهضة
إن أول شرط من شروط العقيدة في القرآن هو الايمان بالغيب الذي كان له أثر مدمّر في حياة المسلمين اليوم. فالمسألة المركزية في الواقع العربي في الوقت الحاضر التأخر والتخلّف الذي وجد في ركوب موجة الغيب مرتعاً خصباً له. ولذلك فالفكر العربي السائد هو فكر رجعي تقليدي، لا مكان له في هذا العالم. إن هذا الإيمان يطغى على تفكيرنا بضرب من التوتر المأساوي جعلنا عاجزين عن القبض على وعي علمي قادر على استيعاب الواقع الراهن ونقده وتحليله.
منذ هزيمة حزيران والايديولوجيا السلفية في توسع مستمر. وقد أعطت الهزيمة والمآسي والتدهور العربي المتزايد زخماً قوياً لهذه الايديولوجيا. لا بد من الرجوع إلى الله وإلا فالآتي أعظم. وكلّ أولئك ليس سوى بعض الأدوات الغيبية للفرار من الهزيمة والتمرغ في أوحال التعصب والجهل والابتعاد عن المناهج والقيم التي صاغت العصر. اننا نتحدث بلغة غير مفهومة نكصت بحركة التقدم وارتدّت إلى الماضي المشرق نحو الأصل الذي انبثق منه النور. وهكذا لا يمكن السير إلى الأمام إلا بالرجوع إلى الوراء. الاسلام هو الحل، فلا حل! فالحل إنما هو في التمسك المريض بالذات النورانية (الدين) وبالماضي الذي طالما حلّقت فيه أحلامنا الروحانية. وبعد أن فقد الانسان العربي علاقة المجد والفخار التي تربطه بالوطن الضائع في رحاب الأرض المقدسة، تحولت الهوية من الوطن إلى الدين، لأن في الدين متسعاً رحباً من الوعود والأطياب لا يحدّه نطاق الوطن الذي لا يلبي تطلعاته ولا يشبع حاجاته.
هذا ما أدت إليه جريمة التداخل بين العروبة والاسلام، وهذا من أهم أسباب تحوّل الهوية القومية إلى الهوية الدينية، والى تشظّي الهوية الدينية إلى هويات قبلية نعاني منها أشد العناء.
والحق الذي لا ريبة فيه أننا لا نستطيع أن نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام بهذه المواريث والتقاليد إلا بالانتقال من سلطة الأمن إلى دولة المؤسسات التي ترسي بنية ديمقراطية ليبرالية علمانية، تقوم منها إنتلجنسيا عربية تكون مهمتها صياغة أيديولوجيا ثورية جديدة معادية للمجتمع التقليدي وطليعة الوحدة الشاملة. لقد كانت هذه البنية هي الآلية التي دخلت منها أوروبا عصر النهضة، إذ لم يتسنَّ لها الانتقال من ظلمات العصور الوسطى إلى أنوار العصر الحديث إلا بعد أن تخلصت من سلطة القدماء وتحررت من نير الوصاية الكنسية ثم عكست تشكل الواقع تقتله بحثاً ودرساً وتمحيصاً.
لقد كان القرآن في عصره ثورة قلبت أوضاع المنطقة رأساً على عقب ونقلت العرب من هامش الأحداث إلى بؤرة الأحداث ثم مضت الثورة بعد أن استنفذت جميع أغراضها. وبعد أن كان القرآن في عهده ثورة أصبح اليوم عبئاً على الثورة وعقبة في طريقها. فللثورات عصورها ويحتاج الأمر بعد ذلك إلى ثورة جديدة.
الكتاب واعد جداً سواء من الناحية المادية أم من ناحية التغيير الاجتماعي، فضلاً عن أنه سيترجَم إلى لغات متعددة. وإني مستعد لأن أرسل لكم نسخة عنه لتحكموا له أو عليه. وفي حال الموافقة أرسلوا إليَّ بشروطكم وتفضلوا بقبول فائق الاحترام. محمد عبد الرحمن مرحبا
محنتي
من وثائق متحف زيعور الفكري
د. محمد عبد الرحمن مرحبا
بين يدي الكتاب
لهذا الكتاب قصة، فقبل صدوره اقترح عليّ بعضهم إصدار ملخّص صغير له يكون مسباراً أو بالون اختبار أعرف به مدى استعداد تقبّل الرأي العام له. ولكن من يجرؤ على نشر ملخص كهذا؟ لقد عرضت الكتاب على الإنس والجن فأبوا نشره، فهل يمكن لملخصه أن يجعله مستساغاً للقارئ المسلم؟ أشك في ذلك. وأخيراً أبدى أحد آباء الكنيسة المدعوم من السلطات الدينية في مدينة جونية استعداده لكتابة التلخيص ونشره معاً على مسؤوليته. لقد توسمت فيه الصدق والأمانة والعفّة والنزاهة والموضوعية ككثيرين غيره من رجال الدين المسيحيين الحقيقيين الذين تعتز بهم الكنيسة والذين نذروا أنفسهم لخدمة دينهم ومجتمعهم، فهو أب محترم وأستاذ اللاهوت في جامعة الكسليك. ولذلك لم أتردد في تفويضه أمر الكتاب بعد تقديم جزيل الشكر له. ولم أكن أعلم أنه صاحب – بل بطل – كتب أبي موسى الحريري المشهورة بالدس والتحريض الطائفي، وبالتالي لم أكن أعلم أنه ثعلب يتربّص بالفريسة شراً. وعلى كل حال وقّعت معه اتفاقاً شرطت عليه فيه أن يكون منصفاً في حقي وحق الكتاب، فيذكر رأيي بأمانة في المسيحية كما في الإسلام بلا زيادة ولا نقصان، ذلك أن كتابي لا يكتفي بنقد الإسلام والقرآن بل أضاف إليه نقداً آخر للمسيحية، عسى أن يشفع لي هذا التوازن في تخفيف بعض النقمة عليّ. وأخيراً صدر الكتاب باسم مستعار “عباس عبد النور” عن دار نشر مصرية زيادة في التعمية.
لقد كنت بهذا الكتاب صيداً ثميناً هبط على أبينا “المحترم” من السماء، ومنبراً للتشهير بالإسلام والقرآن والتنفيس عن أحقاده فيهما، فضلاً عما يجرّه عليه الكتاب من مكاسب مادية سخيّة استأثر بها وأضافها إلى رصيده الذي جناه من كتب أبي موسى الحريري!!
أجل لقد كان انتقائياً في تلخيصه، فحذف كل ما يمس بآرائي في المسيحية والأناجيل والكتاب المقدس. أجل، لقد تجاهل نقدي للمسيحية وصبّ جام غضبه كلّه على الإسلام والقرآن. فنقم عليّ أهلي وعشيرتي وأصدقائي في طرابلس وقالو لي أَإِلى هذا الحد تبغض الإسلام وتحب المسيحية التي لم تذكر عنها ولو كلمة واحدة؟ لقد اتخذني الأب “الجليل” منبراً للطعن في القرآن والإسلام. لقد حذف ما حذف وأبقى على كل ما يشفي غليله من الإسلام والقرآن. وهذا انحياز مكشوف غير مقبول جرَّ عليَّ الكثير الكثير من المحن والمتاعب كنت في غنى عنها. فأسررت ذلك في نفسي منتظراً الفرصة السانحة.
وجاءت هذه الفرصة بأسرع مما كنت أتصور، ففي صبيحة أحد الأيام اتصل بي تليفونياً قبل أن أهمّ بمغادرة المنزل؛ وبعد أن حياني و”اطمأن” على صحتي الغالية وصحة الأولاد والعائلة بادرني، بشكوى من قلة انتشار الكتب، ولذلك فهو يفكّر في حذف الفصل الأول لتسهيله للقراءة أو شيء من هذا القبيل… لقد وعدني فأخلفني وأخلّ بجميع التزاماته معي. فانفجرت غيظاً وقلت له بغاية الحزم والصراحة: يظهر أن هذا الفصل “متّهم” بعشرة أسطر في نقد المسيحية لعلك لم تنتبه إليها، أو لعلك أبقيتها عمداً لتثبت لي “نزاهتك” و”طيب عنصرك”. لقد تناسيت عشرات الصفحات في نقدي للمسيحية فحذفتها، وهكذا بقيت المسيحية بمنأى عن كل نقد ووجهت الطعن للإسلام وحده وعلى لساني أنا. لله ما أقدرك على الخديعة واستغلال الفرص والصيد في الماء العكر!!
كما أنك يا سيدي أيضاً أغرقت جامعات جونية، بالكتاب وكذلك جامعات المنطقة الشرقية ومدينة جبيل، بل لقد وصل الكتاب إلى طرابلس، حيث أصاب نجاحاً كبيراً وهذا مما أساء إليَّ كثيراً. وقد تجنّد لذلك طلابك الأبرار في جامعة الكسليك تقرّباً إليك وكسباً لودّك في أوقات الشدّة، وأعني امتحانات آخر السنة.
اعلم يا أبانا أنّي مسلم ابن مسلم ابن مسلم حتى أول جدّ لي دخل في الإسلام، أنا متحدّر من عائلة مسلمة وأنتمي إلى مدينة مسلمة بذلت الكثير في سبيل الإسلام ودفاعاً عن الإسلام. أنا مسلم ثقافياً تاريخياً واجتماعياً وسياسياً… وإن لم أكن مسلماً عقيدة وممارسة، فهذه مسألة تخصني أنا شخصياً لا مدخل لها أبداً في إيماني بقوميتي وعروبتي وبلدي وكفاحي في سبيل عزتها واستقلالها، وعدائي للاستعمار والصهيونية والامبريالية العالمية…
إن المسيحية التي تريد إخفاء صبوتي فيها لم أستسغها في يوم من الأيام، لأني لم أفهم كيف يكون التثليث توحيداً. فجميع قوى الدنيا لا تستطيع التوفيق بين التوحيد والتثليث. لكن بالمغالطة والسفسطة والشغب والترجيع يمكن تحقيق ذلك. كذلك لم أفهم كيف يرسل الله ابنه “الحبيب” للموت على الصليب، لماذا؟ لغفران خطايا البشر!! هل هذا معقول؟ أفما كان بإمكانه سبحانه غفران الخطايا من غير أن يزجّ بابنه بالموت على الصليب. ماذا تقولون عني إذاً لم أفصح عن أصدقائي الأشرار إلا بقتل إبني؟ الإسلام أكثر تماسكاً ومعقولية من المسيحية ومع ذلك فقد رفضته، فما قولك بموقفي من المسيحية التي هي في رأيي ورأي الكثيرين في أوروبا وأميركا مجموعة من الأساطير اليونانية الرومانية لم تعرفها المسيحية الشرقية (أو النصرانية) في نقائها الأصلي؟
هذا فرق بيني وبينك يا أبانا، فبُهت الذي كفر وأغلق التلفون!!!
إن إخلاصي لبلدي ووطني هو وراء هذا الكتاب. فما كتبت ما كتبت إلا لإخراجهما من الظلمات إلى النور، من النفق المظلم الذي مضى عليهما فيه أكثر من ألف سنة. المسلمون – لا الإسلام – هي اليوم أكبر همي وجميع طاقاتي مسخرة لخدمتهم. إن دمي وحياتي فداء للعرب والمسلمين المطحونين، لتحريرهم مما يلاقونه من عسف ومسح وقمع داخلي وخارجي، ولشفائهم من أشياء كانت يوماً غذاء فأصبحت اليوم داءً. إن ما كان بالأمس دواء يشفي من كل داء هو اليوم داء يستعصى على كل دواء. لقد كان عزاً فأصبح ذلاً، وكان تقدماً فأصبح تخلّفاً. كان ثورة فأصبح فورة، لا شيء يبقى على الزمن، فكل حال يزول. أريد لهذا الكتاب أن ينزع أوهاماً طالما غشيت العيون، وأن أزرع في العقول أفكاراً طالما دكّت بها الحصون وقفزت بها إلى مواقع النجوم. إنْ أريدُ إلاَّ الاصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالعقل والعلم والصدق والإخلاص في العمل، عليها توكّلت وبها استمسكت، وإليها أبنت ودعوت، وما على الرسول إلا البلاغ.
ألا هلْ بلّغت؟ يا تاريخ إشهد!!